ثقافة

فائزة بودبوس: قصّة نجاح مترجمة تونسية شابة

تمكنت المترجمة التونسية الشابة من التألق على المستوى العربي من خلال كتابها الجديد “المرأة ليست رجلا” الصادر عن دار صفحة سبعة بالمملكة العربية السعودية.

هي من مواليد ولاية سوسة. نشأت في حي الرياض الشعبي وتدرجت في التعليم العمومي قبل أن تكون مرحلة الجامعة والدراسة في كلية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة محطة فارقة في مسيرتها التعليمية والفكرية.هي متحصلة على الأستاذية في الأدب والحضارة الانقليزية. تباشر منذ أكثر من 10 سنوات التدريس في قطاع التعليم الثانوي. لكن التزامها كمربية أجيال لم يحل دون تحقيق حلمها وهو ممارسة الترجمة.عشقت الأدب والروايات منذ صغرها وهو ما يفسر شغفها بالكتابة والكتاب. ولها عديد النصوص المترجمة آخرها قصة للكاتب التشيكي ميلان كونديرا “المعتذر آلان يتأمل السرة” نشرتها جريدة المغرب.

تقول فائزة بودبوس حول كتابها الذي لاقى نجاحا عربيا محترما :” “المرأة ليست رجلا” هي رواية للكاتبة الأمريكية عطاف رام في نسختها الأصلية باللغة الإنكليزية. صدر الكتاب سنة 2019 وتحصّل على لقب الكتاب الأكثر مبيعا لنفس السنة حسب نيويورك تايمز. تتناول الرواية بالأساس وضعيّة المرأة العربيّة المهاجرة في أمريكا والفلسطينيّة تحديدا، بما أنّ الكاتبة من أصل فلسطينيّ، في ظلّ ثقافة ذكوريّة بالية تعاني المرأة بسببها من العنف في شتّى تجلّياته و لا تملك سلاحا حيال كلّ ذلك سوى الصمّت، خاصّة أن الرواية تتحدّث عن معاناة النساء محدودات الثقافة، فيبرز الصمت في الرواية بمثابة مرض تعاني منه الشخصيات النسائيّة فحتى تلك النساء التي آثرت المواجهة و نجحت في التمرّد على الثقافة التي تتوقّع منهنّ أنّ يكنّ مجرّد آداه للرجل، مجرّد مواطنة درجة ثانية مكانها الوحيد هو البيت لخدمة الآخرين و صفتها و وضيفتها الوحيدة أن تكون زوجة و أمّا، تلك الشخصيات التي تمرّدت مثل “سارّة” كان مصيرها الإقصاء و عيش حياة منبوذة موصومة بالعار فظلّت دوما تفتقد الشعور بالانتماء إلى عائلتها و محيطها.”

وتضيف بودبوس في حديثها عن هذا الكتاب المثير للجدل:” اخترت هذا الكتاب بالذات لعدّة أسباب أهمّها المنحى النسويّ للرواية. كامرأة يعنيني جدّا تناول مواضيع تهمّ المرأة ككائن لازال يعاني في العديد من الثقافات. فقد يكون في كلّ معاناة لأيّ امرأة، انعكاس لمعاناتي انا شخصيّا كامرأة أو أيّ امرأة قارئة لهذا النصّ بشكل أو بآخر ومع اختلاف في التفاصيل ودرجة المعاناة وأسبابها. تهمّني هذه القضيّة لأنني أفضّل الانتصار الى المستضعفين والمرأة لا تزال كائنا مستضعفا في العديد من المجتمعات الأبويّة البطريركية. من هنا أساسا جاء اختياري لهذه الرواية.”

وبخصوص تجربتها في مجال الترجمة تضيف قائلة:” انّ النصّ في لغته الاصليّة لا ينبع اختلافه فقط من اختلاف لغته بل هو تعبيرة ثقافيّة عن حضارة ومناخ ومزاج وتفاصيل أخرى لشعوب قد تكون شديدة الاختلاف عن ثقافة اللغة المنقول اليها مما يخلق تحدّ كبير بالنسبة الى المترجم في المحافظة على روح العمل ونقل النصّ الى لغة أخرى بأمانة وحرفيّة. لكن رغم كل تلك الاختلافات الحضارية و الثقافيّة التي قد تحول دون الوفاء الى النص بشكل تامّ، يظلّ الانسان انسانا في كلّ مكان وقد يعاني بنفس الشكل مع اختلاف الأسباب فيحزن ويفرح أيضا والمترجم المقتدر وصاحب الموهبة ينجح في التقاط روح النصّ وتمثّل شخوص هومعاناتهم وقصصهم ونقلها الى قارئ آخر بلسان مختلف لكنّه يظلّ شبيها بذلك الآخر الذي ينتمي إلى مكان آخر.

وتعتبر فائزة بودبوس ” ان الترجمة إبداع وكتابة ثانية للنصّ ومنحه حيوات أخرى في أماكن أخرى من العالم. الترجمة تبني جسرا بين القرّاء بمختلف السنتهم و جنسياتهم و ثقافاتهم و تمنحهم أجنحة و قد تربّينا على أعمال مترجمين كبارا فكانوا بمثابة النافذة المفتوحة على عوالم أخرى مختلفة فتعرّفنا من خلالهم على ثقافات أخرى فهناك نصوص كُتبت بشكل لا يقلّ جمالا عن النصّ الأصليّ و على سبيل المثال المترجم الفلسطيني الكبير صالح علماني الذي توفيّ مؤخّرا، لقد كان من المبدعين الذين أتاحوا للقارئ العربيّ التعرّف على كتابات كتاب كبار في أمريكا اللاتينية أمثال الايقونة غابريال غارسيا ماركيز فأحببناه من خلال ترجمات علماني الساحرة و أحببنا أمريكا اللاتينية من خلال اعماله فظلّت رواية مائة يوم من العزلة، مثلا، بالنسبة اليّ من أفضل الكتب على الإطلاق التي قرأتها في حياتي” وفق تأكيدها.

هذا ومن المنتظر أن تدخل فائزة بودبوس غمار المناسبة على جوائر عربية كبرى في مجال الترجمة. وهي تعتبر من الوجوه الشبابية الصاعدة في الحقل الثقافي التونسي حيث يتوقع أن يكون لها شأن كبير في هذا المضمار لاسيما وأنّها بصدد الانكباب على اعداد كتابات أخرى لنصوص مترجمة وأخرى محاولات في كتابة الرواية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى