أخبار

رغم حداثة تخرّجها..تونسية تطلق أول منصة رقمية لتعليم الصم والبكم

رغم حداثة تخرّجها، لم تنتظر الشابة، فرح التونسي، توظيفا من الدولة بل اعتمدت على ذاتها وقرّرت أن تقتحم مجال المبادرة الخاصة، وأن تستثمر في العنصر البشري، وفي ميدان التعليم ايمانا منها ان التعليم مفتاح الحياة، وأن الإنسان بدونه اعزل ولا يساوي شيئا.
استهدفت هذه الشابة، أصيلة مدينة مدنين والبالغة من العمر 22 سنة، فئة خصوصية هي فئة فاقدي السمع والنطق فأنجزت منصة رقمية ذكية لتعليمهم ستطلقها قريبا تحت اسم « اس دي اكاديمي »، وقد حدّدت بعد برامجها التعليمية ومستوياتها، وهي نفس البرامج والمناهج التونسية الرسمية في مستويات الاساسي والاعدادي، (ستوفر لاحقا برامج التعليم الثانوي)، حيث تقدّم دروسا في كل المواد، وحصصا في لغة الاشارة لمختصين في المجال، الى جانب ورشات تكوين في مهارات تكنولوجية حديثة تتطلبها سوق الشغل، مع إحاطة ودعم نفسي تحتاج هذه الفئة لها.
وقد جاء اختيار فرح لهذه الفئة بعد بحث ومسح معمّق، بيّن لها أنّ مناهج التعليم وبرامج الدمج المدرسي لم تنصف الصم والبكم ولم ترتق الى الاستجابة الى متطلباتهم واحتياجاتهم، الى جانب تعرضهم الى عدة صعوبات في التواصل وصعوبات نفسية من تنمر وغيره، ما يدفع بنسب كبيرة منهم الى مغادرة مقاعد الدراسة والانضمام الى صفوف الاميين، حسب قولها.
انطلقت الفكرة لدى هذه الشابة وهي في آخر سنة من سنوات دراستها الجامعية في نشاط نادٍ يعمل على تنمية روح المبادرة وتشجيع الطلبة على بعث المشاريع ذات البعد الاجتماعي او البيئي، ومنه ولدت الفكرة وتأكّدت مع زيارتها الى مراكز فاقدي السمع والنطق واقترابها من هذه الفئة ومن عائلاتها ومعايشتها لأوضاعها، فأصبحت تحمل جزءا من همومها ومن معاناتها المخفية، وفق تأكيدها.
أحسّت فرح بهذه الفئة ووضعت نفسها في مكانها، لا تسمع ولا تتكلم ولا تتعلم، فشعرت بقساوة وضعيتهم، فبدون كلام وسمع يصعب التعبير، وبدون تعلّم يستحيل بناء الذات واقتحام الحياة، فما كان منها إلّا أن جعلت منهم هدفا لها وبعثت منصة رقمية لتعليمهم، وكسبيل للاحاطة بهذه الفئة، واعادة الاعتبار لها والارتقاء بها من هامش المجتمع الى صلبه، حسب تعبيرها.
تمسّكت فرح بهدفها وأعدّت واستعدت له مبدّدة كل المصاعب والمخاوف في قناعة ذاتية بأن طريق الخوف قصير وأن العمل فقط هو السبيل، خاصة في ظلّ وجود دعم وتشجيع عائلي كبيرين.
ولأن الهدف إنساني ومعرفي بالأساس، فإن الاستفادة من خدمات هذه المنصة سيكون بمقابل مدروس، حسب فرح، التي تطمح إلى أن تستقطب المنصبة نحو 500 تلميذ في مرحلة اولى وان تجعلها مدرسة ذكية خاصة بفئة فاقدي السمع تضمن لهم التواصل في ما بينهم.
أودعت فرح ملفا متكاملا لدى وزارة التربية و تنتظر حاليا الاجابة، متطلّعة الى الانطلاق في اقرب الآجال وكلها شوق وتوق لأن تعيد الأمل لدى الفئة التي استهدفتها، وأن تنشر الفرحة في صفوفها، وكلها نشاط وحماس وهي تصعد أولى درجات السلم الاجتماعي وتطأ قدماها الحياة المهنية بتفاؤل كبير.
المصدر: وات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى