“مستقبل تونس في مواردها الجيولوجية، وولايات الشمال الغربي هي الأغنى وطنيا، ومستقبل الفسفاط في سراورتان بولاية الكاف، وما على الدولة إلا أن تتجه للنهوض بقطاع الاستخراج والتحويل لتخلق ديناميكية تنموية جديدة”، عبارات أطلقها الأستاذ وليد الوسلاتي، مدير قسم الجيولوجيا بكلية العلوم بتونس.
وأشار الوسلاتي، على هامش مشاركته في أعمال الدورة الثالثة للمؤتمر الدولي للموارد الجيولوجية والبيئية (جيوروسورس اند انفايرمانت)، الذي ينظمه مخبر الموارد المعدنية والبيئة بكلية العلوم بتونس من 21 إلى 23 مارس بياسمين الحمامات، بمشاركة مختصين وباحثين من تونس والجزائر والمغرب ومصر والعربية السعودية وألمانيا والكونغو، إلى أن أغلب الدراسات العلمية المنجزة في إطار دراسات الدكتوراه أو مشاريع ختم الدروس، تبرز ثراء المخزون الباطني التونسي، وتؤكد إمكانية تثمينه لخلق الثروة الوطنية.
ولاحظ أن تونس قادرة على الدخول في مرحلة جديدة لتثمين مواردها الطبيعية المعدنية، وخاصة معادن الحديد والرصاص والزنك، المتوفرة بكميات كبيرة في ولايات الشمال الغربي (الكاف وجندوبة وسليانة وباجة)، وخاصة بالمناجم التي أغلقت في الثمانينات، ومن بينها الحديد بالجريصة والرصاص والزنك بالطويرف وفج الهدوم.
وأكد أن فسفاط سراورتان، الذي ما يزال إلى اليوم لم يدخل بعد حيز الاستغلال، يمثل مستقبل قطاع الفسفاط في تونس، مستدلا بنتائج عديد الدراسات العلمية التي تجمع على أهمية المخزون القابل للاستغلال لعشرات السنين، والتي تؤكد النوعية المتميزة للفسفاط الممكن استخراجه.
وأشار وليد الوسلاتي إلى أن تونس قادرة على تحقيق معادلة استدامة استغلال الموارد الجيولوجية واستدامة البيئة، وذلك بالتكثيف من نوعية المشاريع التي تثمن بقايا نفايات المناجم التي تعود لفترة الاستعمار، والمكدسة اليوم بأطنان الأطنان، وهي أتربة غنية بالمعادن تفوق نسبة تركيزها ال10 بالمائة، والتي يمكن إعادة تثمينها بفضل التقنيات المستحدثة، والتي تمكن في ذات الوقت من إعادة تنقية البيئة والمحيط.
وتابع، من جهة أخرى، أن مناطق الشمال الغربي غنية بالموارد الطبيعية الجيولوجية، ومن بينها بالخصوص الرمل السليسي، الذي يشكل المادة الأساسية لصناعة بلور الكريستال، وبمواد الكالكيرز والطين والاسمنت، والتي يمكن أن تستقطب استثمارات وطنية ودولية كبيرة، باعتبار أهمية هذا المخزون للترويج في السوق المحلية أو الخارجية، مبينا أن 80 بالمائة من الحجارة التونسية، هي حجارة رسوبية وغنية بالكلسيت (الكالكيرز) وقابلة للتثمين.
من ناحيته، أشار الباحث علاء الدين العياري، المختص في المياه ودراسة الفيضانات، إلى أن تونس تفقد سنويا نحو 50 بالمائة من مواردها السطحية من المياه المقدرةـ بسبب التبخر والسيلان نحو البحر، موضحا أن مجموع الموارد التونسية من المياه الجوفية يقدر ب4،8 مليار متر مكعب، من بينها 2،7 مليار متر مكعب موارد سطحية متأتية من الأمطار والتساقطات.
ولاحظ أن إشكاليات المياه في تونس بسبب ندرة الأمطار وبسبب التقلبات المناخية، تؤكد الحاجة الملحة إلى اعتماد حلول مجددة، من بينها بالخصوص، التقليص بأكبر نسبة ممكنة من عملية التبخر على مستوى السدود، وذلك باعتماد تقنيات جديدة على غرار عديد البلدان، من قبيل تغطية مياه السدود بطبقات عائمة من البلاستيك أو الخفاف، فضلا عن الزيادة في عديد السدود لتعبئة أكثر ما يمكن من مياه الأمطار، والتوجه إلى مشاريع جديدة لتحلية المياه، لا فقط مياه البحر، باعتبار ارتفاع نسبة الملوحة، بل إلى تحلية المياه العذبة التي باتت تعاني من ارتفاع نسبة الملوحة، والتي تعتبر عملية تحليتها أسهل وأقل كلفة.
وأشار رئيس مخبر “الموارد المعدنية والبيئة”، محمد الغانمي، من جانبه، إلى أن الملتقى العلمي الدولي الذي يجمع عديد الباحثين والمختصين في علوم الجيولوجيا، مناسبة هامة للتعرف على آخر المستجدات العلمية والتكنولوجية في ميدان الجيولوجيا والبيئة، وفرصة كبيرة للتعريف بالمستوى العلمي المتميز للباحثين التونسيين في هذا الاختصاص الواعد، الذي قال إنه يمكن أن يكون قاطرة للتنمية المستدامة، التي تقوم على تثمين الموارد الطبيعية واحترام البيئة، بفضل تطور العلوم الجيولوجية، والتي تتتيح تحقيق المعادلة بين استخراج الموارد المعدنية والمحافظة على البيئة، فضلا عن إمكانية إعادة تثمين المناجم القديمة وجعلها صديقة للبيئة.
وات